
9 سنوات على الرحيل.. أبو علي شاهين مفكر كبير وأيقونة نضال خالدة
27 مايو, 2022 11:06 صباحاً
فتح ميديا - متابعة خاصة
"حتى زنزانتي لا تُخيفني لأنها جزءٌ من وطني" تحل علينا في الثامن والعشرين من أيار الذكرى التاسعة لرحيل شيخ المناضلين عبد العزيز شاهين " أبو علي " رحمه الله.
نقف اليوم أمام حالة وطنية ومكانة عالية في الفكر والإبداع والثورة والتاريخ فمن ملامح الهجرة من (بشيت) تشكلت معاناة أبو علي ومن بساطير جنود الاحتلال وقمعهم وبطشهم عاش أبو علي حالما في يوم العودة الي (بشيت) ومن جبال دورا في الخليل كتب أبو علي لحظات ميلاد المكان وفجر ثورة الجبال وكانت بندقية أبو علي هي بندقية الثائر المجبولة بدماء الشعب الثائر ومن سجون الاحتلال كتب أبو علي صياغة أدبيات الفتح ومن بين أوجاع مخيمات الشتات شكل أبو علي مدرسة الشبيبة الفتحاوية لتمتد في كل بيت ولتكون أقصر الطرق لاجتثاث الاحتلال .. ومن ملامح الانتصار لشعبنا قاد أبو علي مسيرة العمل والبناء في غزة ..
المولد والنشأة
إن سيرة حياة بعض القادة في العالم؛ تظل على مدى السنين لا تتقادم ولا يغطيها النسيان؛ بل تنبض دائمًا بالحرارة والأمل؛ ورغم كل ما كتب وما سيكتب عن أبو علي شاهين، سيظل قاصراً عن التعبيير على مدى حبه لفلسطين، بطلاً سيسجل التاريخ بطولاته وأمجاده..
هو إبن فلاح وفلاحة ، لم يعرف تاريخ مولده الحقيقي ولكنه في عام 1941، ولد في قرية "بشيت" قضاء الرملة لواء اللد، شهادة ميلاده كانت في جيب والده الذي استشهد في معركة القرية، عام الطرد.
عرف طريق الشتات، حط في رفح لاجئاً، وثقفه استشهاد والده، قتل الاحتلال الإسرائيلي خمسة من أعمامه إبان احتلال غزة في 1956 وعام 1967 ودفنوا في قبر جماعي شهير بمدينة رفح جنوب قطاع غزة. تعلم دروس المنفى، اعتقل خمسة عشر عاما، وأسس بعد تحرره حركة الشبيبة الطلابية ثم أُبعد إلى الأردن وتونس، قاد مع الشهيد أبو جهاد قيادة العمل المسلح "القطاع الغربي" وعاد إلى الوطن بعد توقيع اتفاقيات أوسلو حيث تأخرت عودته بسبب معارضته لها.
يقول غسان كنفاني في قصة "المدفع": "كم هو بشع الموت، وكم هو جميل أن يختار الإنسان القدر الذي يريد". اختار أبو علي شاهين قدره، عندما اختار طريق النضال. فأحبته الثورة، وعشقه شعبه واحتضنه ثرى وطنه.
لقد خاض أبو علي شاهين تجربة الاعتقال التي كانت أشد ضراوة وأكثر شراسة ، وكانت تجربة صراع الإرادات أثناء وجود أبو علي شاهين في السجن حيث تمكن من أن يبلور لنفسه مكاناً ونفوذاً كبيرين كأحد قادة فتح والفدائيين وعلى امتداد فترة سجنه وبالذات في السنوات الستة الأخيرة ،
حيث برز نفوذه وتأثيره على السجناء الفلسطينيين ، فإيعازاته وتوجهاته أصبحت تحتل مكانة هامة في حياة السجناء وقاد أشرس إضراب عن الطعام عام 1970م وذلك في سجن عسقلان .
وفرض الاحتلال عليه الإقامة الجبرية في منزله في مخيم تل السلطان في رفح بين عامي (1982-1983)، وألزمه بالحضور يوميًا إلى مقر الشرطة من الساعة العاشرة صباحًا ثم الثانية ظهرًا، ثم صدر قرار بنفيه إلى منطقة الداهينية في سيناء بين عامي (1983- 1985)، ثم أصدرت المحكمة العليا الصهيونية قرارًا بإبعاده إلى جنوب لبنان عام 1985 ثم اعتقل في الاردن و تم ابعاده الى العراق.
عاد إلى فلسطين عام 1995، وأصبح عضوًا في لجنة المرجعية العليا لفتح في قطاع غزة بين عامي (1995-2005)، وعضوًا في المجلس التشريعي الأول (1996-2006)، وعضوًا في المجلس الوطني (1996-2006)، ووزيرا للتموين (1996-2003).
تابعت "فتح ميديا" إحياء هذه الذكرى ورصدت أهم ما كتب عن أبو علي شاهين:
نتذكر ، في ذكرى رحيله،،،، ناداه ابنه ورفيقه القائد/ محمد دحلان مخاطبا روحه " لا ترحل فلم يحن الموعد ، وانهض من فراشك لتكمل المشوار الذى بدأته حيث لم يكتمل بدون مشاركتك ، لا ترحل أبو على فلم يحن الموعد فالثورة ما زالت بحاجة إلى شيخها " .
من جهته، استذكر القيادي بتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، توفيق أبو خوصة، ذكرى رحيل القائد والمفكر الوطني أبو علي شاهين.
وقال أبو خوصة في تصريح عبر صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: " إن أبو علي شاهين كان الأسبق في الاستشراف و التحليل و التقدير، وكان خبيراً في خبايا و خفايا حركة فتح."
وأضاف: "عندما تم تسريب ما يدور في اللجنة المركزية من توجه لاتخاذ قرار بفصل عضو اللجنة المركزية النائب محمد دحلان، قال في تصريح لإذاعة الشمس الناصرية: "قرار فصل دحلان سيحرق الأخضر قبل اليابس، و أضاف: "لابد من موقف شريف و عاجل من شريحة فتحاوية تأخذ المبادرة، فبعد غد سيكون أسود، كما يتوجب علينا إعطاء كل ذي حق حقه، ولا يوجد صغير أو كبير على الحق" .
من جانبه، تحدث القيادي جمال ابو حبل عن حياة الراحل أبو علي شاهين قائلاً :" كان رمز كبير من رموز النضال الوطني الفلسطيني، وقائد فتحاوي عاش وقضى من أجل فلسطين شعباً وأرضاً، واكد ان القائد أبو علي شاهين كان المناضل والسياسي والمثقف والمنظر والمفكر الذي تتلمذ على يديه آلاف المناضلين والمثقفين، وهو المدرسة التى تربى فيها ابناء فتح وعلمتنا النضال والمقاومة والمحبة والثقافة الثورية والنضالية".
وعلى نفس السياق أوضح أمين سر مفوضية الإعلام في حركة فتح بساحة غزة، الدكتور أحمد حسني، أن الكلام يظل قاصراً، عند الحديث عن ذكرى بحجم الاسم الوطني والمناضل الكبير "أبو علي شاهين".
وقال حسني خلال حديثه لبرنامج حديث الساعة عبر راديو الشباب: " إن اسم أبو علي شاهين وإرثه وتاريخه، مرتبط بزمن الثورة ولا يشبه أحد من القيادة الحالية، فهو يشبه القيادة التاريخية لشعبنا ولثورة شعبنا."
وختم حسني حديثه: "نحن في تيار الاصلاح الديمقراطي نعمل على إحياء هذه الذكرى كل عام بشتى الوسائل، ويجب على حركة فتح الأم أن تلتفت إلى هذه الذكرى الخالدة التي لا تقل أهمية وقيمة عن ذكرى باقي شهداء اللجنة المركزية."
الكاتب والمحلل السياسي طلال المصري تحدث في الذكرى التاسعة لرحيل القائد والمفكر عبد العزيز شاهين قائلاً :" حرياً بنا أن نستذكر مواقفة ومحطات فاصلة في حياته لتتعلم منه الأجيال وينهل من مدرسته كل الفتحاويين والوطنيين لما قدم وناضل وضحى لأجل القضية الفلسطينية عاش عزيزاً ومات عزيزاً مُحباً للوطن وحركة فتح.
وأضاف :" يعتبر أبو علي شاهين من المؤسسين الأوائل في الحركة بجانب القادة الكبار منذ العام 64 وانتمى للعاصفة الذراع العسكري لحركة فتح واعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي ليؤسس الحركة الأسيرة ويجعل من السجون منارة للعلم الثوري والتعبئة وصقل العقول حتى أصبحت السجون جامعات تخرج المناضلين والثوار".
وتابع :"كانت له بصمات كبيرة في العمل التنظيمي الفتحاوي، وما زال الجميع يسير على نهجه، وستبقى ذكرى رحيل أبو علي شاهين حاضرة في كل الأزمان".
المحلل السياسي رامي الغف أكد أن أبو علي شاهين كان مروعاً وحدوياً ، فقد أدّى رسالته في الحياة وكان عظيماً بها، أمّا الآن فالتحديات أمامنا أكبر في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة العتيده كما أراد الراحل الشهيد الشاهين. لقد غاب ابو علي شاهين ليبقى شعبه على العهد والوعد سائرون حتى الإنتصار وتحقيق المراد، وروحه ترفرف بينهم في زمن علا صوت الإنقسام والفساد، لأنه الحاضر في زمن الغياب والمغيبين، وها هو صوته يناغم آذاننا (بالروح بالدم نفديك يا فلسطين) يرتفع كشلال ليضئ العتمة ويلغي التراجع والإنكسار، بممحاة الأمل والفرح والإصرار والتحدي لدى أبناء وبنات حركة فتح وفلسطين، وكل عزائنا إنا نرى الآن صورتك وصورة ياسر عرفات كل يوم في وجه وشخص شبيبتك وأشبالك وزهراتك أبناء فتح.
من جهته وصف الكاتب الفتحاوي حازم عبد الله سلامة الراحل أبو علي شاهين بالأسطورة التي لاتغيب ، مضيفاً :"هم من رسموا لنا خارطة الطريق إلي الوطن والحرية والكرامة والانتصار ، عاشوا بيننا ثوار أحرار ، عاشوا لأجلنا، حملوا علي أكتافهم هم القضية والوطن ، عاشوا لأجل غيهم وقدموا كل طاقاتهم وجهدهم لخدمة فكرة وطنية للتحرر من العبودية والإذلال ، عاشوا من اجل أمتهم ، ورحلوا وتركوا لنا إرثا وطنيا فكريا يحيا معنا وينير لنا طريق الانتصار للوطن"،رحلوا عنا جسدا وبقوا معنا فكرا ونهجا وخارطة طريق ، تركوا لنا ثورة ، والثورة فكرة ، والفكرة لا تموت.
(اشنقوني، فلست أخشى حبالا واصلبوني فلست أخشى حديدا)
هذه مسيرة أبو علي، هي مسيرة شعب فلسطيني لن يرتاح ضمير الأمة كلها إلا بانتصاره على قوى الظلم والطغيان وقبل ذلك الانتصار على عوامل التراجع والاستسلام والتفرقة والخذلان. تحياتي إليكم أيها المناضلون المقاومون في كل مكان.
حين ترجًل الفارس
في الثامن والعشرين من ابريل عام 2013 توفي القائد الفتحاوي الكبير عبد العزيز شاهين الشهير بأبو علي،بعد أن دخل في غيبوبة بمشفى الشفاء بمدينة غزة عن عمر يناهز الثمانين عاماً، وكان شاهين يعاني منذ أشهر من توقف جزئي لعمل الكبد، ما أدى إلى تدهور صحته بصورة سريعة واستدعي نقله للمشفى أكثر من مرة.
ونقل القائد الفتحاوي للعلاج بالخارج أكثر من مرة لكنه طالب بالعودة لقطاع غزة ليدفن فيه، رافضا الموت خارجه.
ويحيي كوادر وأبناء وقيادة حركة فتح والنخب الفلسطينية والعربية في كل عام ذكرى رحيل "شيخ المناضلين"، كما يحلو للبعض أن يسميه نظرا لتاريخه الحافل من التضحيات والنضال في صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" والثورة الفلسطينية.شيخ المناضلين أبو علي شاهين.
أُسطورة وشمس لن تغيب
اليوم ورغم مرور 9 أعوام، لا يزال أبو علي شاهين حاضرا رغم الغياب، فشخصيته النضالية كانت مرجعا للثورة والثوار، وحق له أن يكون ضمير الثورة، لتواضعه وعفته وزهده، فكان صاحب الكلمة الشجاعة والهادئة والثورية في آن واحد، ولا يخشى أحدا ويتعامل مع الجميع بمنطق الوطنية ولمصلحتها، وكانت أرض فلسطين ومقدساتها وحجارتها هاجسه الأول والأخير.
أبا علي سلامٌ عليكَ في الأولين والآخرين يا كَنْز الثورة المفقود.






