
هرباً من التنمر .. طفلة في غزة تحكي قصتها مع “فانكوني” بطريقتها الخاصة
14 نوفمبر, 2021 03:22 صباحاً
غزة - فتح ميديا:
“أظلمت الدنيا أمام عيني، ولم أعد أرى شيئا عندما عرفت أن طفلتي مصابة بمرض نادر يقال إن الأطباء في العالم لا زالوا يحاولون البحث عن علاج له، إذ يجعلها تبدو أصغر من عمرها بنحو خمس سنوات، وهو ما يعرضها للتنمر بين أقرانها، يومياً”، بهذه الكلمات، بدأت أم حمزة الأيوبي من سكان حي تل الهوا غرب مدينة غزة، حديثها مع “القدس العربي”، التي تواصلت معها للحديث عن قضية ابنتها بعد أن ضاقت بها سبل البحث عن طرق توقف التنمر الذي تتعرض له سما (9 سنوات)، وأخرى تساعدها في السفر خارج القطاع المحاصر لتلقي العلاج اللازم.
تقول أم حمزة، إن قصة سما مع مرض “انيميا فانكوني” الجيني النادر، بدأت عندما توقف جسد الصغيرة عن النمو خلال الأشهر الأولى التي أعقبت قدومها إلى الحياة، مشيرة إلى أنها كانت ترفض تناول الحليب والطعام، وهو ما أثار شكوك الأم، التي قامت بدورها في السعي بين المشافي المحلية التي تعاني ندرة المستلزمات الطبية، أملاً في معرفة السبب.
وعن هذا أردفت: “كانت ذات جسد نحيل، ترفض الحليب والطعام بمختلف أشكاله، شعرت بالقلق وبدأت البحث عن السبب، زرت مستشفى النصر للأطفال الذي أحالني بدوره إلى مستشفى أخر وأخر حتى فاض بي الحال وشعرت أنني فقدت الأمل، فلا أحد استطاع الاستدلال على السبب”، موضحة أنها خلال رحلة البحث تمكنت من الحصول على تحويلة طبية لأحد مشافي القدس المحتلة وذلك في عام 2015.
ونوهت بأن حل اللغز بدأ من هناك، إذ أجرى الأطباء جملة من الفحوصات المخبرية، حتى أنهم حصلوا على عينات من النخاع الشوكي للطفلة، لكن اليأس عاد ليخيم على الطفلة وعائلتها عندما طال انتظار نتائج الفحوصات لأكثر من عام ونصف.
وأضافت: “شعرت بفقدان الأمل، لا أحد استطاع معرفة مرض ابنتي، أحالوني إلى مستشفى هداسا في الداخل المحتل ومع ذلك لا نتائج، حتى حان الوقت الذي تواصلوا معي فيه ليخبروني أن الفحوصات الطبية أثببت إصابتها بمرض أنيميا فانكوني الذي يصيب طفلا من بين مئات آلاف الأطفال في العالم”.
وعن الخطوات اللاحقة، تقول: “إن الأطباء اضطروا للحصول على عينات جديدة، ليجربوا أنواعاً مختلفة من العلاجات، التي أثبتت لاحقاً أنها قادرة على الاستجابة لفيتامين سي، كنوع من الحل المؤقت إلى حين إجراء دراسات مكثفة على حالة سما، أملاً في الحصول على علاج يتناسب مع حالتها”.
وبعد سنوات من البحث والتجارب المكثفة التي أجراها الأطباء في مشافي القدس والداخل المحتل، وتواصل المختصين مع العائلة، عادت سما لتواجه أزمة من نوع جديد هذه المرة، إذ لازالت دائرة العلاج بالخارج (حكومي) ترفض منح الطفلة تحويلة طبية للعلاج، بحجة أن علاجها متوفر داخل القطاع، وهو ما شكل صدمة كبيرة للطفلة وعائلتها.
وفي السياق تقول والدتها لـ”القدس العربي”: “صدمة كبيرة نعيشها الآن، كيف يمكن التذرع بأن العلاج متوفر في غزة، فيما يؤكد الأطباء أنهم وعلى مدار سنوات كانوا ولا زالوا يبحثون عن العلاج المناسب”، عادّةً أن قرار رفض منحها تحويلة علاجية هو قرار ظالم وغير عادل ويجب إعادة النظر فيه، مطالبة وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة بالنظر بعين الرأفة لحالة ابنتها، التي توقف نموها ولازالت تظهر وكأنها في الرابعة من عمرها رغم بلوغها التاسعه.
ويبلغ وزن سما في عمرها الحالي 12 كيلوغراماً، فيما يصل طولها 96 سنتيميترا، وهو ما جعلها عرضة للتنمر بين أصدقائها، وحال دون اندماجها بشكل طبيعي، حسبما تقول الأم، التي أكدت أنها حاولت مراراً وتكراراً في أن تذهب لمدرستها لمحاولة إيجاد حل لوقف التنمر الذي يجعلها تبكي طوال الوقت، فضلاً عن إثارتها لعديد من التساؤلات عن السبب وراء اختلافها عن أقرانها، وهو ما يشعر والديها بالعجز الكبير.
واسترسلت في حديثها، مستنكرة عدم تقبل المجتمع لحالة ابنتها، متسائلة عن الوقت الذي سيفهم فيه العالم أن سلوك التنمر كان سبباً في إنهاء حياة كثيرين، لم يكن لهم ذنب في اختيار أشكالهم أو ظروفهم الصحية.
وفي سبيل محاولات الحد من التنمر الذي تتعرض له الصغيرة إينما ذهبت، عمل والداها على إعداد أغنية تهدف في معانيها لإظهار التأثيرات السلبية التي قد تلحق بالمتنمر عليهم على المستويات كافة، فيما قامت الطفله بأداء هذه الأغنية بصوتها، تعبيراً منها عن حجم أوجاعها مما تتعرض له.
وقالت: “عل هذه الأغنية التوعوية تتمكن من فعل ما عجزنا عنه، من إقناع الأهالي بضرورة تربية وتنشئة أبنائهم على ضرورة تقبل الآخر”.
يشار إلى أن أغنية “أنا زي زيكم” التي لحنها وأنتجها أحمد الأيوبي والد الطفلة، ترجمت للغة الإنكليزية، أملاً في أن تكون محط اهتماماً أي شخص أو جهة مسؤولة، يمكن لها أن تعرف قصة سما وتبادر بتبنها لمساعدتها في استكمال حياتها بشكل طبيعي.








