
تقرير: "الاستيطان الزراعي والرعوي" شكل جديد لنهب أراضي الضفة
21 مارس, 2021 03:38 صباحاً
فتح ميديا - القدس:
لم تعد هجمات وخطط الاستيطان الإسرائيلي الذي ينهب أراضي الضفة الغربية، تقتصر على البناء وشق الطرق، بعد لجوء الاحتلال، لما بات يعرف بـ”الاستيطان الزراعي والرعوي” للسطو على مساحات واسعة من أراضي المواطنين الفلسطينيين.
وإلى جانب المجموعات الاستيطانية المتطرفة المتمثلة في “تدفيع الثمن”، والحارس الجدد”، و”شبيبة التلال”، بدأت تبرز بشكل خطير مجموعات “الاستيطان الزراعي والرعوي” إثر تزايد أعداد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية ومحيطها، والتي تعود إلى عوامل مختلفة، يقف في مقدمتها المساعدات والتسهيلات التي تقدمها دولة الاحتلال للمستوطنين، مثل الامتيازات والإعفاءات الضريبية والمحفّزات لبناء المناطق الصناعيّة الإسرائيليّة عبر تخفيض أسعار الأراضي، ودعم تشغيل القوى العاملة في المصانع، والتي تلعب دوراً حاسماً في الزيادة المتواصلة لعددها، مرورا بحماية سطو المستوطنين على أملاك وأراضي الفلسطينيين سواء من منظمات “الإرهاب اليهودي” في المستوطنات والبؤر الاستيطانية. وقد بدأت تظهر بشكل خطير، مجموعات “الاستيطان الزراعي والرعوي “، التي بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة على نطاق واسع في أرجاء الضفة الغربية.
والمعروف أن دولة الاحتلال، تقدم للمستوطنين امتيازات واسعة، تتيح للأسر التي تفتقر إلى الإمكانيّات، أن تقتني منزلاً في المستوطنات وخاصة من المستوطنين “الحريديم” وخاصة في مستوطنة “موديعين عيليت” ومستوطنة “بيتار عيليت”، اللتين قفز عدد السكان فيهما من 32 ألفا عام 2000 ليصل مع نهاية عام 2020 إلى نحو 140 ألفاً، أي ما يُقارب ثُلث عدد المستوطنين في الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية ومحيطها.
وكما كان الحال مع شبيبة التلال، التي أطلق موجتها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون، فقد شجعت دولة الاحتلال، في عهد حكم بنيامين نتنياهو، المستوطنين بوسائل متعددة في السطو على مساحات واسعة من أراضي المواطنين والأراضي الفلسطينية الزراعية والرعوية، من خلال قيامها خلال العقد الماضي، بتطوير ظاهرة “المزارع الرعوية”، التي باتت تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية.
ويقول التقرير الصادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان التابع لمنظمة التحرير، أنه بعد أن استولت “شبيبة التلال” على قمم الجبال وبنت بؤرها الاستيطانية، التي تحولت الى حواضن لـ”منظمات الإرهاب اليهودي” انتشر خلال العقد الماضي “الاستيطان الزراعي”، والذي ظهرفي حيز الوجود، من خلال 40 مزرعة أغنام وأبقار استولى المستوطنون فيها على عشرات آلاف الدونمات، ومنعوا وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم ومراعيهم.
ويوضح التقرير أن هذه المزارع أقيمت على أراضي المواطنين، وما تسميه سلطات الاحتلال، أراضي دولة على مساحات تتراوح بين مئات وآلاف الدونمات، حيث يستخدم مستوطنو المزارع العنف الوحشي ضدّ هؤلاء المزارعين الفلسطينيين ويمنعوهم من الوصول إلى أراضيهم في مناطق أعلنتها سلطات الاحتلال مناطق إطلاق نار.
ووفقا لتقرير حديث مشترك يعالج تحفيز دولة الاحتلال للاستيطان في الضفة الغربية، صادر عن المركز الإسرائيلي لحقوق الإنسان “بتسيلم” ومنظمة “كيرم نافوت”، التي تركز عملها، على مراقبة وبحث ونشر حقائق وتقارير تتعلق بسياسة الاستيطان، فقد ذكرنا أن سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية تجسّد بوضوح نظام (الأبرتهايد) الإسرائيلي الذي يسعى بشتّى الطرق إلى تحقيق وإدامة تفوّق مجموعة من البشر (اليهود) على مجموعة أخرى وهم (الفلسطينيون) في كافة الأراضي الممتدّة بين النهر والبحر.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين، تغول الاحتلال ومستوطنيه ومنظماتهم الإرهابية على الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته ومقدساته، وحملت المجتمع الدولي المسؤولية كاملة عن تقاعسه وتخليه عن تحمل مسؤولياته القانونية والاخلاقية تجاه جرائم الاحتلال ومستوطنيه، خاصة ما يتعلق بنتائجها وتداعياتها على حقوق الشعب الفلسطيني، وفرص تحقيق السلام من خلال المفاوضات.
وأشارت إلى مواصلة الاحتلال حربه المفتوحة والشاملة ضد الوجود الفلسطيني الوطني والإنساني في المناطق المصنفة “ج”، مستهدفا الأرض والإنسان ومقومات صموده الحياتية والاقتصادية “في أبشع صورة للاحتلال وعنصريته ومطاردته لكل ما هو فلسطيني في تلك المناطق” لافتة إلى تجديد محاكم الاحتلال أوامر الهدم لما يزيد على 70 منزلا في حي البستان داخل سلوان، مصادقة المحكمة الاسرائيلية العليا على هدم خربة الميتة في الأغوار الشمالية.
وأكدت الخارجية أنها تتابع باهتمام كبير تلك الانتهاكات والجرائم مع الدول كافة، وفي الأمم المتحدة ومؤسساتها ومع الجنائية الدولية لحشد أوسع ضغط دولي لإجبار دولة الاحتلال على وقف انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي.
يذكر أن التقرير الفلسطيني الجديد الذي يرصد حركة الاستيطان، تطرق إلى جرائم “التطهير العرقي” الجديدة، التي تنوي سلطات الاحتلال تنفيذها بعد أن أعلنت بلدية القدس المحتلة، نيتها هدم حي البستان بأكمله مجددا، بعدما ألغت كل الاتفاقيات التي تم التوصل إليها مع سكان الحي، ورفضت المخططات الهندسية التي طلبتها منهم كمخطط بديل عن الهدم، كما رفضت إعطاء تمديد بتجميد أوامر الهدم، التي وزعتها على سكان الحي مؤخرا، وبالتالي ستقوم البلدية بعملية هدم لكافة المنازل، تمهيدا لإقامة “حديقة وطنية توراتية”.
ونتيجة لهذا القرار وعلى ضوء إصرار بلدية الاحتلال على تنفيذ مخططها، فإن منازل الحي أصبحت في دائرة الخطر، وقد تطرق التقرير الفلسطيني إلى قصة الحي التي تعود إلى عام 2005، حينما أصدرت بلدية الاحتلال قرارا بهدمه، وبدأت بتوزيع أوامر الهدم على سكانه البالغ عددهم 1550 نسمة بحوالي 100 شقة سكنية، بحجة البناء دون ترخيص، رغم أن أراضيه ذات ملكية خاصة، ووقف إسلامي. حيث يقع حي البستان على بعد 300 متر من السور الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك، ويمتد على مساحة 70 دونما، يدعي الاحتلال استنادا إلى الأساطير المعروفة أنه يمثل “إرثاً حضارياً تاريخياً للشعب اليهودي“، لذلك عمل على تهويد اسمه وتحويله إلى “حديقة الملك داوود”.
وهنا تجدر الإشارة بأن ثلاثة أحياء في بلدة سلوان مهددة بالإزالة لصالح حدائق وطنية تهويدية، وهي حي البستان، وحي وادي الربابة الذي يقطنه حوالي 1000 نسمة، وحي وادي ياصول الذي يقطنه نحو 300 نسمة، فيما هناك أراضي أحياء أخرى في سلوان مهددة بالاستيطان، كحيّ بطن الهوى الذي يحيط بحي البستان، ويتهدد أكثر من 5 دونمات خطر المصادرة بحجة ملكية الأرض لصالح المستوطنين، حيث يخوض الأهالي صراعاً في المحاكم الإسرائيلية للحفاظ على ممتلكاتهم، وأما حي وادي حلوة فتتهدده الحفريات والأنفاق والبؤر الاستيطانية.
وضمن مخططات الاستيطان المتواصلة، أصدرت سلطات الاحتلال أوامر عسكرية مؤخرا للاستيلاء على أراضي فلسطينية جديدة في بيت لحم، لاستغلالها في مشاريع زراعية، فيما يمنع الفلسطينيين من إقامة المشاريع التطويرية، كما نفذت العديد من أعمال هدم منازل الفلسطينيين، وخربت حقولهم، كما هاجمت قوات الاحتلال بعنف كل الفعاليات الشعبية المنددة بالاستيطان في مناطق التماس بالضفة.







