
بعد محاكمة ترامب.. ماذا ينتظر السياسي "الساحر"؟
05 ابريل, 2023 11:09 صباحاً
تسابقت وسائل الإعلام الدولية والعربية إلى تغطية حدث غير مألوف، يتعلق بتوجيه تهم جنائية للرئيس السابق للولايات المتحدة دونالد ترامب المثير للجدل، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
قررت هيئة محلفين كبرى في نيويورك، توجيه تهم جنائية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في قضية دفع أموال لممثلة إباحية. وهي حلقة أولى في مسلسل قضائي يبدو طويلاً، فما الذي ينتظر سيد البيت الأبيض السابق بعد هذه الخطوة القضائية تجاهه؟ وهل ستؤثر هذه القضية على مستقبله السياسي علماً أنه يطمح في العودة إلى البيت الأبيض مرة أخرى؟.
ضربة قضائية مدوية
وبحسب ما ذكرت "الغارديان" يعتبر توجيه الاتهامات لترامب "ضربة قضائية مدوية" ستؤثر بشكل قاطع على الطموحات الرئاسية لزعيم الجمهوريين، وجاءت بعد تصويت هيئة محلفين كبرى في نيويورك على توجيه الاتهام إلى ترامب بشأن قضية دفعه 130 ألف دولار في عام 2016 للتستر على علاقة مع ممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز، لشراء صمتها قبل ترشح ترامب للانتخابات الرئاسية الأمريكية وفوزه في يناير(كانون الثاني) 2016.
توجيه هذه التهمة يمكن أن يمهد الطريق أمام سلسلة ملاحقات قضائية أخرى والرئيس السابق ترامب مستهدف أيضاً بتحقيق حول إدارة محفوظات البيت الأبيض وممارسة ضغوط انتخابية في ولاية جورجيا الأمريكية.
بعد اتهام ترامب رسمياً شكلت هيئة المحلفين الكبرى من مواطنين يتم اختيارهم بالقرعة، ويتعهدون بمسؤولية التحقيق بسرية تامة، لتحديد ما إذا كانت هناك أدلة كافية لتوجيه اتهامات رسمية ضد مشتبه به وكانت الهيئة دعت في منتصف آذار(مارس) ترامب للإدلاء بإفادته بعد سماعها إفادات عدد من الشهود، إلا أن الرئيس السابق رفض ذلك.
لم يتأخر ترامب كثيراً وبعد هذا القرار، المعروف بـ"خرجاته الشعبوية"، كثيراً في الرد. وصب غضبه على المدعي العام وخصومه السياسيين، معتبراً في بيان أن "هذه ملاحقة سياسية وتدخل في الانتخابات على أعلى مستوى في التاريخ"، قبل أن يضيف: "أعتقد أن هذه الملاحقة سوف ترتد عكسياً على جو بايدن".
المحاكمة والسيناريوهات
اتصل ممثلو الادعاء بمحامي دونالد ترامب لتحديد موعد مثوله أمام المحكمة في نيويورك وتم إخطاره رسمياً بقرار الاتهام. وإذا رفض يمكن توقيفه وسيكون من الضروري بعد ذلك "تسليمه" من فلوريدا، حيث يعيش، إلى نيويورك إذ أن لكل ولاية نظامها القضائي الخاص بها وبالطبع وافق ترامب على المثول بنفسه أمام محكمة نيويورك الأربعاء في حدث تابعت وسائل الإعلام العالمية ونقلت تصوير ترامب كمتهم وأخذت بصماته على اعتبار أنه متهم في قضايا جنائية لكنه لم يكبل اليدين عند مثوله أمام القاضي.
بدأ محامو دونالد ترامب خوض معركة قضائية لمحاولة إبطال اتهامه، من خلال التشكيك في مجريات التحقيق وما يشوبه عيوب إجرائية وشكلية وفي حال فشلهم في تحقيق هذا المسار سيخضع مستقبل ترامب لثلاثة سيناريوهات محتلفة أولها إسقاط التهم وهو امر شائع نسبياً وقد يكون مرتبطاً خصوصاً بوصول مدع عام جديد، ولكنه غير مرجح في قضية الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتطرق محامو ترامب لسيناريو عقد اتفاق مع النيابة العامة والموافقة على الاعتراف بالذنب من جانب ترامب لتجنب المحاكمة والحصول على عقوبة أخف لكنه سيناريو مستبعد شكلاص ومضموناً ومن غير المرجح موافقة ترامب عليه مع تاكيده المستمر والدائم بانه لم يرتكب أي خطأ.
وعلى الأغلب سيشهد القضاء الأمريكي تسلسلاً إجرائياً بمباشرة المحاكمة وهو سيتاريو يقضي أولاً باحترام العديد من الإجراءات وعقد جلسات الاستماع العديدة وسيكون الباب مشرع على مصرعيه لمحامو ترامب، للمماطلة واستخدام كل الوسائل الممكنة لتأخير موعد حكم القضاء الذي قد يحتاج لسنوات في هذا الاتجاه.
سياسياً
هذا الاتهام وحتى الإدانة لن تمنع ترامب من ممارسة نشاطه السياسي. فالقوانين الانتخابية الأمريكية لا تمنع أي شخص متهم أو مدان في قضايا جنائية من الترشح لأي منصب وأن يتم انتخابه وينص الدستور على استثناء واحد فقط لممارسة وظيفة رسمية: المشاركة في "عصيان" أو "تمرد" ضد الولايات المتحدة.
وبحسب ما نقلت قناة "سكاي نيوز" البريطانية، أن توجيه التهم لترامب رسمياً يمكن أن يؤثر على "طموحاته السياسية" في الوصول مجدداً إلى البيت الأبيض فظهوره بصورة المتهم "قد يكون له تأثير قاتل سياسياً لأنها الصورة التي ستخلد وستبقى في أذهان الناس".
وإن ثبت فعلاً أن ترامب ارتكب جناية يعاقب عليها القانون سيكون هون الأبرز من سيقبل التصويت له من الجمهوريين المعتدلين ويصعب التخيل أنهم سيقبلون أن يكون شخص رئيساً للولايات المتحدة، يفترض أنه يمثل القيم الأمريكية خالف القانون بهذا الشكل لكن مما لا شك فيه أن أحد أبرز مواهب ترامب هي الاستفادة من الهجمات التي يتعرض لها"،ويمكن بذلك أن يستفيد من هذا الوضع الخاص لحملته الانتخابية لكي تستقطب اهتماماً كبيراً، وان لا تفتقد الزخم المطلوب في الوقت الحالي.
ولتأكيد هذه الإمكانية، يعود مراقبون إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2016 التي فاز بها في سيناريو غير مسبوق، أدهش خلاله الكثيرين عبر العالم وبناء عليه، يعتقدون أنه سيحافظ على حظوظه في السباق الرئاسي مهما كانت نتيجة هذه القضية، خاصة وأنه يقدم نفسه كسياسي فريد، قريب من الأمريكيين، ويحارب "الفساد الهائل" في واشنطن.
وإن نجح ترامب في إقناع الناس أنه بريء وأن ما يقع له مؤامرة لمنعه من الترشح، عندها سيكون الوضع مختلفاً تماماً، فهو السياسي "الساحر" الذي بإمكانه أن يقلب الموازين، ويميل الكفة لصالحه حتى في أدق المراحل. فهو يواجه قضية استثنائية وكسبها سيزيد من شعبيته، والتي تشكل "اختباراً لاستقلالية القضاء الأمريكي".




