قال المعلق السياسي في صحيفة "واشنطن بوست" ديفيد إغناتيوس إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس الآن عن كثب ما إذا كانت ستعمل مع الصين، سعياً للوصول إلى تسوية تفاوضية لحرب أوكرانيا.
وقد تأتي التسوية بعد توقعات مسؤولين أمريكيين بتحقيق أوكرانيا مكاسب خلال هجومها المضاد، الذي خططت له منذ فترة طويلة. وتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين علناً عن آراء الإدارة، خلال مقابلة بثت بشكل مباشر مع واشنطن بوست، الأربعاء، للاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة. وأثارت تعليقاته صدى ما كان كبار المسؤولين الأمريكيين يقولونه سراً في الأيام الأخيرة، بشأن التعاون الأمريكي والصيني المحتمل للتوسط من أجل إنهاء الصراع الوحشي.
صراحة مفاجئة
سيكون سند أي جهد دبلوماسي، بحسب "واشنطن بوست"، المكاسب الأوكرانية في ساحة المعركة، والتي يمكن أن تضع كييف في موقف تفاوضي أقوى. وعند سؤاله عن آفاق كييف في هجومها المضاد المتوقع شرقي أوكرانيا، أجاب بلينكن: "أشعر بالثقة في أنهم سينجحون باستعادة المزيد من أراضيهم، وأعتقد أن من المهم أيضاً ملاحظة أن هذا بالفعل فشل استراتيجي بالنسبة إلى روسيا".
وعندما سأل إغناتيوس بلينكن عن العمل مع الصين لتحقيق نتيجة مستقرة في أوكرانيا، قدم وزير الخارجية جواباً صريحاً بشكل مفاجئ: "من حيث المبدأ، لا خطأ في ذلك إذا كان لدينا بلد، سواء أكان الصين أو دولاً أخرى لها تأثير كبير، وعلى استعداد للسعي لتحقيق سلام عادل ودائم.، سنرحب بذلك، ومن الممكن بالتأكيد أن يكون للصين دور تلعبه في هذا الجهد. وقد يكون ذلك مفيداً جداً".
إشادة بالمقترح الصيني
قال بلينكين إنه كان ثمة بعض البنود "الإيجابية" في خطة السلام المكونة من 12 نقطة والتي أعلنتها الصين في فبراير (شباط). تتضمن المقترحات الصينية احترام "سيادة واستقلال وسلامة أراضي جميع البلدان"، مما يعني انسحاب القوات الروسية؛ "الحد من المخاطر الاستراتيجية" والموافقة على "عدم استخدام الأسلحة النووية"؛ واتخاذ خطوات "لخفض التصعيد تدريجياً والتوصل في النهاية إلى وقف شامل لإطلاق النار".
تريد أوكرانيا من الصين أن تلعب دور الوساطة، وتحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأسبوع الماضي عبر الهاتف مع الرئيس الصيني شي جين بينغ. قال زيلينسكي في وقت لاحق إنهما ناقشا كيفية تحقيق "سلام عادل ومستدام"، دون أن تقدّم أوكرانيا تنازلات إقليمية. وشدد بيان صيني على أنه "يجب على جميع الأطراف اغتنام الفرصة لتجميع الظروف المواتية، من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة".
قال بلينكن يوم الأربعاء إن مكالمة شي-زيلينسكي كانت "أمراً إيجابياً، لأنه من الأهمية بشكل حيوي أن تستمع الصين والدول الأخرى التي كانت تسعى لدفع السلام إلى سماع الضحية، وليس المعتدي فقط".
روسيا غير راضية
كتب إغناتيوس كيف أخبره العديد من مسؤولي الإدارة أن روسيا لم تكن راضية عن جهود الوساطة الصينية. لكن موسكو التابعة لبكين اقتصادياً وعسكرياً لا يمكنها بسهولة مقاومة رغبات الصين. وهذا أحد أسباب اهتمام مسؤولي الإدارة بجهود السلام الصينية. يعتقدون أنهم قد يمنعون روسيا من محاولة تجديد الحرب لاحقاً – بعد توقف. قال أحد المسؤولين: "الاستقرار الوحيد هو حضور الصين كضامن".
سلة تعاون
تابع بلينكن: "كمسألة مبدأ، إن الدول، ولا سيما الدول ذات النفوذ الكبير مثل الصين، إذا كانت على استعداد للعب دور إيجابي في محاولة إحلال السلام، فسيكون ذلك شيئاً جيداً. لكن الأمر يبدأ بشكل أساسي مع اتخاذ فلاديمير بوتين لذلك القرار الأساسي. لم نرَ ذلك بعد".
إن تعبير بلينكن العلني عن الاهتمام بدور الوساطة الصيني المحتمل هو جزء من جهد أوسع لتحديد ما يحب أن يسميه "سلة التعاون" بين البلدين، وسط علاقة تنافسية متزايدة. وقال إنه يأمل أن يتمكن من إعادة جدولة رحلة إلى الصين تم تأجيلها بعد حادثة منطاد التجسس في فبراير. كما تجري اتصالات دبلوماسية أمريكية أخرى مع الصين.
استبعادها غير واقعي
أوضح الكاتب أن مسؤولي الإدارة الأمريكية يناقشون ما إذا كانت جهود السلام الموازية بين الولايات المتحدة والصين قد تثبت صحة دور صيني أوسع في أوروبا، في وقت تحاول الولايات المتحدة منع الحلفاء الأوروبيين من عقد اتفاقات ودية مع بكين. ولكن عندما يرحب زيلينسكي، الذي يعتمد على المساعدات العسكرية الأمريكية، بالاتصال مع شي، قد يكون استبعاد الصين أمراً غير واقعي.
وختم الكاتب الأمريكي قائلاً: "الاستراتيجية الأفضل، وهي استراتيجية يبدو أن إدارة بايدة تميل إليها، تكمن في الاعتراف بدور بكين، ولكن مع الإصرار على وجوب أن تتصرف بمسؤولية، حتى يتم التعامل معها كقوة عظمى. بإمكان الصين أن تبدأ بتشجيع سلام عادل في أوكرانيا".