إن المتتبع لسير حكومات الاحتلال الإسرائيلي يجد أن هناك ازدياد مضطرد وقفزة سريعة في حصول أقصى اليمين المتطرف من الأحزاب الدينية على مقاعد الكنيست الإسرائيلي، وهذا يأتي ضمن توجه غالبية سكان إسرائيل إلى الانحدار الأصولي الديني القومي وفكر الأيدلوجية الذي يكن العداء والكراهية والحقد للشعب الفلسطيني، ويعتبر فلسطين المحتلة هي أرض إسرائيل ويجب تحقيق السيادة عليها، وطرد وتهجير سكانها الأصليين من الفلسطينين عنها بكل الوسائل والطرق.
الذي يحكم إسرائيل اليوم هي مجموعة من الأحزاب اليمينية المتطرفة والتي جاءت من أقصى اليمين، وتحمل أفكاراً توارتية محرفة حبلى بالعنصرية، وتتبع إستراتيجيات وسياسات ضد الشعب الفلسطيني خصوصا، والشعب العربي بشكل عام، وتصدح بالقول جهاراً نهاراً وتعلو أصواتها بالتحريض على قتل الفلسطيني وطرده من أرضه ومصادره أملاكه وتنادي بزيادة بناء الاستيطان، وشن حرب شاملة لإخماد المقاومة بكل أشكالها، تسعى هذه الأحزاب الآن إلى تنفيذ مخطاتها لتركيع الشعب الفلسطيني وخضوعه المطلق لإرادتها او تهجبره وإبعاده بالقوة عن أرض فلسطين أو قتاله حتى الفناء والهلاك.
هذه الأحزاب لا تؤمن بالتسويات السياسية ولا تؤمن بالسلام، ولا تعيير القانون الدولي وحقوق الإنسان والهيئات الدولية أي أهتمام، ولا تعترف بقرارات مجلس الأمن، ولا هيئة الأمم المتحدة، وتعتبر الوجود الفلسطيني على الأرض يشكل خطراً عليها وعلى دولة الكيان.
ما دعاني لكتابة هذه المقدمة هو الاجتماع الأمني المنوي عقده في المملكة الأردنية بحضور إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن وبريطانيا، والذي لا يمكن وصفه إلا اجتماع لحماية إسرائيل وإنقاذ حكومة نتنياهو من السقوط، ورسم ووضع خطط لوقف المقاومة وكبح جماح الحالات العسكرية بكل مسمياتها التي باتت توجع الاحتلال وتستنزف قدراته وقوته، وتوقف مخططاته التي يسعى لتحقيقها، خاصة في مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية والقدس.
اللقاء بحد ذاته لن يحقق الأمن والأمان والسلام للشعب الفلسطيني، بقدر ما يحققه للمستوطنين وقوات الاحتلال، ولن يتعدى ما يتم الاتفاق عليه على بعض من التسهيلات الاقتصادية والمالية مرهونة بتحقيق الهدوء، ووقف كافة أشكال المقاومة بالضفة الغربية، والسيطرة على التشكيلات العسكرية، وإحلال السلطة الفلسطينية في المناطق الساخنة، لقمع ومواجهة الشباب الثائر ووقف أنشطة المقاومة باستخدام كل الوسائل والأشكال، واتباع سياسة الترغيب والترهيب للقضاء عليها، وخاصة أن الشعب الفلسطيني مقبل على شهر رمضان المبارك، والذي يسعى الاحتلال لتحقيق الهدوء فيه وتنفيذ مخططاته بالاقتحامات واستباحة ساحات المسجد الأقصى.
الاحتلال لا يعطي ضمانات ولا يلتزم بمعاهدات وإتفاقيات بالقدر الذي يحقق مصالحه، ولن يوقف اعتداءاته ولا سياساته القمعية العنصرية تجاه أهلنا في القدس والضفة الغربية، وعلى السلطة الفلسطينية أن تعي ما يسعى الاحتلال إليه عبر المنقذ الأمريكي والبريطاني الحامي والداعم للاحتلال، فحذاري الوقوع بفخ التحايل من جديد وخاصة بعد ما حدث من تضليل وتحايل والتفاف على قرار الإدانة في مجلس الأمن الدولي وارتكاب مجزرة وجريمة نابلس والتي ذهب ضحيتها أحد عشر شهيداً.