أمنيتهم أكل اللحوم... في غزة عائلات فقيرة تعيش وسط ظروف قاهرة
تاريخ النشر : 03 فبراير, 2022 05:34 صباحاً

غزة- فتح ميديا:

تقضي جيهان الأدغم من قطاع غزة معظم وقتها في وضع الأواني تحت الثقوب المتواجدة في سقف منزلها لحماية أطفالها من التعرض للبلل خوفًا من تساقط الأمطار بأي لحظة في ليالي الشتاء الباردة.

وتعيش الأم البالغة من العمر (46 عامًا) برفقة سبعة أطفال في منزل متهالك بمساحة 60 مترًا مربعًا وجدرانه متصدعة وغير صحية في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة الذي يتميّز بمنازله المتلاصقة وشوارعه الصغيرة والضيّقة.

وتعاني الأدغم وعائلتها من الفقر المدقع منذ سنوات عديدة، وفي الغالب تُجبر على إشعال النار مستخدمة أوراق الكرتون والحطب لتحضير الطعام لأطفالها الذين عادة ما يتجمعون حولها في انتظار الطعام بينما يحصلون على القليل من الدفء.

وتقول الأدغم بينما يلتف حولها أطفالها إن “الكثير من الناس يتباهون في مثل هذا الطقس بسعادتهم في الشتاء ويتبعون طقوسًا يومية تساعدهم في الحصول على الدفء اللازم سواء كان ذلك من الطعام أو الشراب”.

نتمنى أكل اللحوم

وتضيف الأدغم بينما بدا على وجهها البؤس واغرورقت عيناها بالدموع أن “الفقر المدقع يجعلني بالكاد أستطيع إطعام أطفالي مرة واحدة في اليوم (..) بينما يقضون بقية يومهم متمنين أن يتمكنوا من أكل اللحوم مثل أي شخص آخر”.

وتتابع السيدة بعد تنهيدة طويلة أن حالة العائلة لم تكن مأساوية قبل سنوات عندما كان زوجها يعمل صياد أسماك في عرض بحر غزة، حيث كان يتقاضى حوالي 70 دولارًا في اليوم يمكنهم من العيش في مستوى مقبول.

وعلى مقربة من جيهان يجلس الزوج أيمن، وهو يضع يديه على رأسه بعدما انقلب وضعه الاقتصادي رأسًا على عقب، حيث أصبح يكسب الآن نحو 70 دولاراً شهريًا وهو ما لا يكفي لإعالة أسرته.

وتعتمد عائلة الأدغم على المساعدات الغذائية التي تقدمها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، كما يلجأ الوالد إلى شراء بقايا الخضار في الأسواق المحلية.

ويقول الرجل البالغ من العمر (48 عامًا) إن “أصعب شعور أواجهه يوميًا عندما يطلب أطفالي مصروفهم اليومي ولا أستطيع توفيره لهم (..) حقا أتمنى أن أموت في هذه اللحظة”.

ولا يختلف الحال كثيرًا لدى عائلة حمد السويركي، التي تعيش في قرية “النصر” شمال القطاع في منزل من الصفيح مقام على أرض حكومية، وسط تهديد دائم بطردهم في أي لحظة.

ويقول حمد البالغ من العمر (46 عامًا) إن معاناة عائلته المكونة من عشرة أفراد بدأت بعد تعرضه لقصف إسرائيلي، ما جعله يفقد قدميه ويبقى معاقًا لا يستطيع العمل وإبقاء أسرته واقفة على قدميها.

وحسب تقرير "شينخوا" كان حمد وهو رب عائلة مكونة من تسعة أفراد يعمل مزارعًا داخل إسرائيل ويجني الكثير من المال.

أوضاع اللاجئين صعبة

ويصف مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد حنون، أوضاع اللاجئين في المخيمات الفلسطينية بأنها “صعبة” في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانتشار مرض فيروس كورونا والأزمة المالية التي تعاني منها (الأونروا).

ويقول حنون إن الظروف تتجه للأصعب بكثير جراء الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع وعدم وجود أفق سياسي واضح لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين ووجود اشتراطات لعودة المساعدات المالية من قبل بعض الدول للشعب الفلسطيني.

ويطالب بضرورة التزام المجتمع الدولي بانتظام المساعدات المالية وزيادتها للوكالة الأممية في ظل ازدياد أعداد اللاجئين الفلسطينيين في كافة المناطق لاسيما القطاع، الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة غالبيتهم من اللاجئين.
وتقدم أونروا خدمات منقذة للحياة لحوالي 5.6 مليون لاجئ من فلسطين في أقاليم عملياتها الخمسة التي تشمل الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة.

وتشتمل خدماتها أيضا على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير.
وأعلن مفوض الأونروا فيليب لازاريني، في بيان قبل يومين حاجة الوكالة إلى 1.6 مليار دولار ميزانية للعام الجاري لتغطية جميع الأنشطة منها 806 ملايين دولار مخصصة لميزانية البرنامج الأساسية، إضافة إلى 771 مليون دولار لدعم المساعدة الإنسانية الطارئة للمتضررين من العنف والأزمات المتكررة في المنطقة.
ويعد الأدغم والسويركي من بين 1.5 مليون شخص فقير يعيشون في قطاع غزة، بحسب تقرير صدر أخيرا عن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، وهو منظمة مستقلة غير ربحية تنشط في جنيف.

وتفرض إسرائيل منذ العام 2007 حصارا محكما على قطاع غزة بعد أن سيطرت حركة (حماس) عليه بالقوة، كما شنت منذ ذلك الحين أربع عمليات عسكرية واسعة النطاق للحد من التهديد الصادر من القطاع.

ووفق التقرير تضاعفت مؤشرات الأزمة الإنسانية في القطاع بفعل الحصار إذ كانت تبلغ نسبة البطالة قبل فرض الحصار في العام 2005 نحو 23.6%، في حين وصلت عند نهاية عام 2021 إلى 50.2%، لتكون من بين أعلى معدلات البطالة في العالم.

وأظهر التقرير، الذي صدر تحت عنوان “16 عامًا من المرارة: جيل وُلد محاصرًا” أن معدلات الفقر شهدت ارتفاعًا حادًا بفعل إجراءات الإغلاق والحظر الإسرائيلية إذ قفزت من 40 بالمائة في عام 2005 إلى 69 بالمائة في العام 2021.