غزة - فتح ميديا:
لطالما نادى الزعيم الشهيد ياسر عرفات بالوحدة الوطنية، إيماناً منه بأنها الطريق الوحيد لإنهاء الاحتلال الجاثم على أرضنا، ووضع حد للانتهاكات الاسرائيلية والاستيطان الذي يتوسع بلا توقف على حساب الأرض الفلسطينية، فقد كان أبو عمار كلمة السر للوحدة الوطنية الفلسطينية، وكان يرى فيها طوق النجاة الوحيد للمشروع الوطني بأكمله.
فقد كان للقائد الراحل عرفات دور كبير في تعزيز والحفاظ عل الهوية الوطنية الفلسطينية من الاندثار، وحرص كبير على اللحمة والوحدة الوطنية، والاندماج بين كل قطاعات الشعب الفلسطيني، ويتضح النهج الوحدوي لدى الراحل ياسر عرفات في كثير من المواقف والأقوال منها: "أثبتت الوحدة الوطنية، على الدوام، أنها أقوى سلاح بيد شعبنا لمواجهة مخططات العدوان والاحتلال الإسرائيلي.
ومن هنا صار لزاما علينا، اليوم، أن نعمل على تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وتوسيع إطارها ليشمل كافة القوى الفلسطينية في الوطن، وفي الشتات".
الوحدة الوطنية كهدف استراتيجي:
لم يكن أبو عمار يعترض على أي قوة فلسطينية ترغب بالانضمام للمنظمة، وكان يؤمن بتفعيل منظمة التحرير لتشمل كافة القوى الوطنية، وكان قد قال أيضا: "لا اعتراض على أية قوة فلسطينية ترغب في الانضمام إلى منظمة التحرير، ولا نضع فيتو على أحد، ومن هنا أوجه الدعوة لكل القوى للدخول في منظمة التحرير الفلسطينية".
وكان نهج الياسر على طريق الوحدة الوطنية يقوم على مرتكزات رئيسية، أهمها وحدة الهدف الوطني والجامع، والمتمثل في حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية وطرد الاحتلال والمستوطنات عن أرضنا، ووحدة المشروع الوطني، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها رمز الوحدة الوطنية الفلسطينية والتجسيد الوطني للوحدة الوطنية على أرض الواقع، والحاضنة التاريخية للمشروع الوطني، والمعترف بها عربيا ودوليا، باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات.وقد عمل أبو عمار على ترجمة قناعاته بالوحدة الوطنية إلى قرارات وقوانين توحد المواطن الفلسطيني في القانون الأساسي للسلطة الفلسطينية، حيث نص هذا القانون على أن "الفلسطينيين أمام القانون والقضاء سواء. لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة"، كما نص على أن "نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية". ويدل هذا المبدأ على ضرورة اعتماد مبدأ الحوار الوطني؛ لفض أية خلافات أو نزاعات قد تنشب بين بعض الفصائل الفلسطينية.
وضرورة المشاركة السياسية لكل شرائح المجتمع على أساس ديمقراطي سليم يقوم على الاحتكام الأبدي لصناديق الاقتراع، وعدم السماح لأي فصيل فلسطيني بأن يتحكم بمستقبل ومقدرات الشعب الفلسطيني أو المساس بحقة في التعبير عن الرأي، إلى جانب الحفاظ على الثوابت الوطنية، وعلى رأسها حق العودة، وحق تقرير المصير، واستعادة القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين، حيث كان يردد دائما: "ليس منا، وليس منا، وليي بيننا، من يفرط في جرة واحدة من تراب القدس الشريف".
ومن هنا كان اهتمامه بجميع الفصائل يوازي اهتمامه بحركة فتح، كما كان حرصه الشديد على التعاون مع حركات المقاومة الإسلامية؛ لتنسيق المواقف وتحقيق شراكة الدم وشراكة القرار السياسي، ورفض رفضا مطلقا تصفية أي حركة من حركات المقاومة، بناء على المطالب الإسرائيلية والأمريكية، والحرص على دعوتها للتنسيق والعمل العقلاني في إطار المشروع الوطني، وليس من خلال العمل على تخريبه بالسلوكيات الفردية وغير الملتزمة.
القضية بعد رحيل المؤسس:
كان لغياب الزعيم الراحل ياسر عرفات الأثر الأعظم على الساحة الفلسطينية وعلى الساحة الدولية على حد سواء، مما أدى إلى تغيرات في السياسة المحلية في ميزان القوة بين حركتي فتح وحماس وانتخابات 2006 خير مثال، وفي السياسة الاقليمية والدولية تراجع التأييد للقضية الفلسطينية الذي كان في زمانه يتنقل من عاصمة لأخرى حتى يجلب الدعم والتأييد للشعب الفلسطيني بدون أي تمييز على أساس جغرافي أو سياسي.
أكثر ما خسرناه بعد رحيل القائد ياسر عرفات هو الوحدة الوطنية، وبعد 15 عاماً من انقسام ضرب بجميع مناحي الحياة الفلسطينية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، بين شقي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وضياح حلم المؤسس بتحقيق اللحمة والوحدة الوطنية؛ بسبب القرارات التعسفية والفردية والإقصائية.
يجب أن يستذكر الشعب الفلسطيني بأكمله نهج القائد ياسر عرفات ومدرسته التي تركها لنا، وعلينا أن نستخلص العبر والدروس من مسيرته السياسية وعقليته القائمة على الاندماج بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، والتأكيد على طهارة البندقية الفلسطينية، وحرمة الدم الفلسطيني، وتحريم الاقتتال. وقد كان هو ذاته صمام أمان لطهارة هذه البندقية، والاحرس الدائم لوحدة الصف ونزع فتيل أي توتر قد ينشب بين الفصائل الفلسطينية.
حلم الوحدة:
أصبحنا نرى الوحدة الوطنية في هذه الأوقات في شعارات تتردد ومؤتمرات تنعقد في الخارج والداخل، ولا خطوات عملية على أرض الواقع سوى تعزيز للانقسام على الساحة الفلسطينية، أدت لتراجع أهمية القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.وأضحى واجباً على القيادة الفلسطينية، تحقيق حلم الختيار "ياسر عرفات" بالوحدة الوطنية، وفاءً لتضحياته ونضاله ووطنيته، الشعب الفلسطيني يستحق قيادة تعمل على تحقيق الوحدة الوطنية قبل أي هدف آخر، لأنه بنهاية المطاف المتضرر من حالة الانقسام البغيض، ويستحق تفعيل منظمة التحرير لدورها الرائد بقيادة الشعب الفلسطيني وتمثيله، وعقد انتخابات مجلسها الوطني، وضرورة عقد الانتخابات التشريعية والرئاسية الفلسطينية من أجل تجديد النظام السياسي الفلسطيني، وإعادة للقضية مكانتها ودورها.
من ينفذ وصية الياسر بالوحدة الوطنية؟
تاريخ النشر : 11 نوفمبر, 2021 10:15 صباحاً