كتب الباحث الاقتصادي ماجد أبو دية
أولاً: أرقام وحقائق:
- ادارت السلطة امورها المالية لعام 2019 بموجب موازنة طوارئ نتيجة قيام إسرائيل في شباط/فبراير 2019 باقتطاع نحو 502 مليون شيكل (145 مليون دولار) من إيرادات المقاصة الفلسطينيّة بحجة انها تدفع كرواتب لعائلات الشهداء وللأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية مما دفع السلطة الى رفض استلام أموال المقاصة، وبالتالي لم تتمكن من اعداد الموازنة العامة السنوية، وبقيت تعمل حسب موازنة الطوارئ
- استمرت الحكومة الفلسطينية العمل بموازنة الطوارئ خلال 2020، للعام الثاني على التوالي، نتيجة أزمة المقاصة مع الجانب الإسرائيلي، التي نشأت على خلفية نية اسرائيل الاعلان عن خطة ضم الأغوار وأجزاء من الضفة، الذي على أثره قامت السلطة بقطع علاقتها مع حكومة اسرائيل ورفض استلام اموال المقاصة على مدار سبعة شهور خلال نفس العام.
- توقعت الحكومة الفلسطينية تسجيل عجز مالي بقيمة 1.4 مليار دولار في موازنة 2020 (بدأت مطلع يناير 2020)، مدفوعة بالتبعات الاقتصادية لتفشي فيروس كورونا محليا.
- قال رئيس الوزراء محمد اشتيه إن ارتفاع عجز الموازنة للعام 2020، ناتج عن تراجع الإيرادات المالية بنسبة 50 بالمئة، بفعل تعطل العجلة الاقتصادية.
- أصدر رئيس السلطة محمود عباس، تعليماته لرئيس الوزراء، بمباشرة العمل وفق أحكام قانون موازنة الطوارئ العامة، الصادر بتاريخ 31/3/2020.
- بلغت الموازنة الفلسطينية للسنوات الماضية 5.4 مليارات دولار سنويا بالمتوسط، 85 بالمئة منها مصدرها الإيرادات الضريبية والجمارك ورسوم المعاملات الحكومية، بحسب بيانات سابقة لوزارة المالية
- أعلن مركز الاحصاء الفلسطيني ان الخسائر الإجمالية للاقتصاد الفلسطيني عام 2020، تقدر بحوالي 2.5 مليار دولار بسبب كورونا، تضرر منها مختلف القطاعات.
ثانياً: تحليل الأرقام:
- بعد عامين من العمل بموجب موازنة الطوارئ، أقرت الحكومة الفلسطينية الإثنين 29/3/2021 أول موازنة عادية للسلطة الفلسطينية منذ 2018، حيث عملت في عامي 2019 و2020 بموجب موازنة طوارئ جراء حجز إسرائيل عائدات المقاصة الفلسطينية مرتين خلال العامين، وتداعيات جائحة كورونا في 2020، وبذلك ستكون جاهزة للعرض على رئيس السلطة محمود عباس للمصادقة عليها، لتصبح قانونا نافذا، وذلك استنادا إلى المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني، تحت "بند الضرورة"، بحجة تعطل أعمال المجلس التشريعي.
- أقرت موازنة العام 2021، بعجز يقدر بنحو 1.7 مليار دولار قبل المساعدات الخارجية، حيث تضمنت تقديرات صافي الإيرادات العامة لعام 2021، حوالي 3.9 مليار دولار، بزيادة 12.5 بالمئة عن العام السابق، في مقابل تقدير إجمالي النفقات بـ 5.6 مليار دولار، بزيادة سنوية 9.9 بالمئة.
- جاءت تبريرات الحكومة للزيادة في الايرادات إلى نيتها ترشيد الانفاق الحكومي، وعزمها تطبيق الخطة الاستراتيجية للإيرادات الضريبية للفترة 2021-2025، التي تركز بشكل أساسي على مكافحة التهرب والتجنب الضرائبي، وتوسيع القاعدة الضريبية بشكل أفقي، مع مراعاة عدم زيادة العبء الضريبي على المواطنين، اما الزيادة في النفقات، فيعود سببه الى استحداث حوالي 6 آلاف وظيفة جديدة خلال العام بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال المشاريع التي يتم تنفيذها، الى جانب مواجهة تداعيات جائحة كورونا.
- رغم ان العام المنصرم شهد تراجعا كبيرا في المساعدات الخارجية، بضغط واضح على الدول من ادارة ترامب، الا ان الحكومة الفلسطينية تتوقع زيادة في مساعدات الدول والجهات المانحة هذا العام لتكون بحدود 683 مليون دولار، مما يساهم في تقليص حجم العجز المتوقع في هذه الموازنة الى حوالي المليار.
- هناك بعض الجوانب اهتمت بها الحكومة، على امل تحقيق معدلات نمو، وتخفيف معدلات البطالة المرتفعة، وحدة الفقر المنتشر، وتحسين دخل الاسر، والمضي قدما على طريق الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال، كان من اهمها تركيز الإنفاق الحكومي نحو قطاعات الصحة، والتعليم، والتنمية الاجتماعية بنسبة تصل الى 42%من اجمال الانفاق العام (17% للتعليم، 12% للصحة، 13% للتنمية الاجتماعية)، في حين تم تخصيص 20% للإنفاق على الامن.
- هناك اعادة هيكلة واضحة في بنود الموازنة، بحيث تكون اولوية الانفاق التطويري موجهة نحو برامج تعزيز التنمية الاقتصادية التي ترتكز على التنمية بالعناقيد (العنقود الزراعي، العنقود الصناعي، وعنقود تكنولوجيا المعلومات، وعناقيد قطاع غزة)، بهدف زيادة الإنتاجية، وتشجيع المنتج الوطني وصولا للاعتماد على الذات.
- الا ان هناك العديد من المعوقات والقيود التي فرضها الاحتلال، ما زالت بحاجة الى حلول حقيقية، ضمن خطة الحكومة والمستوى السياسي، حتى لا يترتب على تعريض القاعدة الانتاجية أثار عكسية، وتصبح التنمية مضادة للنمو، واول هذه العوائق، هي منافذ صادراتنا الى اسواق العالم الخارجي، وكيفية الاستفادة من المزايا التي توفرها لنا اتفاقيات التجارة الخارجية.
- لم تتجاهل الموازنة استكمال تنفيذ الخطة الوطنية، من خلال تخصيص 86 مليون دولار نحو برامج تعزيز صمود أهلنا في القدس، منها مبلغ 60 مليون دولار لدعم الصحة والتعليم والكهرباء، إضافة الى 26 مليون دولار لدعم عنقود العاصمة التنموي.
- كذلك قطاعات الشباب والمرأة والفئات المهمشة لم تكن غائبة عن برامج الموازنة التي خصصت لها ما يقارب 70 مليون دولار، ستنفق عبر مشاريع تشغيلية.
- كانت هناك فرصة أمام الحكومة لإجراء تقييم حقيقي حول النفقات الحكومية على قطاع الأمن التي شكلت نسبة 20% من اجمالي النفقات، خاصة ان العديد من المؤسسات انتقدت التشوه الهيكلي في هذا الانفاق الذي يذهب منه حوالي 83% فقط على شكل رواتب قوى امن، جزء كبير من هذه الفاتورة تصل نسبته الى 63% تصرف كرواتب للضباط الكبار، فهناك حوالي 200 لواء في السلطة راتب اللواء يعادل ستة رواتب من الجنود، وكذلك 410 عميد، وحوالي 2600 رتبة عقيد، الى جانب رواتب هذه الفئة فهي تتلقى امتيازات وبدلات اخرى، كان يجب الى هيكلة سلم الرواتب بما يحقق العدالة الاجتماعية.
- أما غزة الحاضر الغائب، الغارقة في وحل الفقر، والبطالة المتصاعدة، والاجور المخجلة، والصدمات المالية والاقتصادية المتتالية.. تخصيص دون إنفاق، والتزام دون وفاء.. ما يقارب 1.4 مليار دولار، قالت الحكومة انها ستلتزم بانفاقها على شعبها في غزة، ما نسبته 30% من إجمالي النفقات و40% من إجمالي الإيرادات، أي بمعدل 116 مليون دولار ستنفق شهريا على غزة.
- إذا استمرت الحكومة بصرف رواتب الموظفين كاملة، والتزمت بإلغاء التقاعد المالي للموظفين المدنيين، والتقاعد القسري للعسكرين، فنصف هذا المبلغ سيشكل اجمالي فاتورة الرواتب واشباه الرواتب في غزة، ويبقى النصف الاخر مدعاه لإيضاحات حكومية حول البرامج والمشاريع التى ستستفيد منها غزة، ضمن حصتها من النفقات التطويرية، وهل ستكون كافية وقادرة على انتشالها من حالة الانهيار الى طبيعتها السابقة.
- وفي ظل تعطيل المجلس التشريعي عن القيام بمهامه، خاصة الرقابية، ومناقشة بنود الموازنة، لضمان تحقيقها لأهدافنا الوطنية والتنموية، وضمان الحفاظ على المال العام وأوجه الانفاق وحمايته من العبث وسوء التصرف والهدر، يبقى الأمل كبير في تحقيق حلم كل الفلسطينيين، بعقد الانتخابات الفلسطينية في مواعيدها المحددة، بالتتالي، بما يضمن اعادة تشكيل كل مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني على اسس من الديمقراطية والنزاهة والشفافية، والمبادئ الوطنية المشتركة، حتى تجد مثل هذه الموازنة طريقها الى قبة البرلمان قبل ان يصدر الفرمان.
ورقة حقائق: أبرز التحديات التنموية التي تواجه موازنة السلطة الفلسطينية لعام 2021
تاريخ النشر : 31 مارس, 2021 07:47 صباحاً
