فتح ميديا - خاص:
نجلاوان خضراوان ، وابتسامة ملائكية تحمل في تفاصيلها كل الألم ، " بشار " يعاني من تشوه خلقي في قدمه وساقه اليمنى منعه من ممارسة حياته كأي طفله في سنه ، فالخطوة السريعة بالنسبة له أن يقفز بساق واحدة علها تسعفه في الوصول لوجهته .
بشار مشعل ابن الثالثة عشر من مدينة رفح يعاني من مرض نادر وهو بروز أوردته وأوعيته الدموية خارج الجلد في ساقه وقدمه اليمنى ، مما جعله معرض للتلوث والنزيف عند تعرضه لأي كدمة ، بالإضافة إلى الالتهابات الشديدة التي تصاحب هذه الأوردة الأمر الذي جعله بحاجة لمضادات التهابات بشكل مستمر ويومي .
تترجم والدته معاناته فتقول :" ألمه لا يتوقف ، ولا يتمكن من اللعب كباقي أصدقائه ، فأي كدمة تجعل الدماء تتسرب من أوردته وتتزايد الالتهابات لديه ، فحتى دوامه المدرسي يمثل معاناة بالنسبة له "، لافتة إلى أنها لم تطرق باباً إلا وطرقته هي وزوجها ما بين الطبي الشعبي والطب البديل، إلى جانب العلاجات والأدوية فالغريق يتعلق بقشة _ حسب تعبيرهم _.
وتضيف :" على بشار أن يبقى مرتدياً جوارب سميكة طوال السنة ليغطي قدمه عن أنظار الناس، فكل من يرى قدمه يشمئز أو نتعرض لأسئلة كثيرة مما أثر سلبياً عليه ، كما جعله الأمر يترك الخروج من المنزل وتجنب اللعب مع أبناء عمومته وأصحابه ".
بعد السعي المضني تم تحويل بشار لجمهورية مصر العربية لتلقي العلاج الذي تلخص في جلسات ليزرية مكثفة _ دون بنج_ الأمر الذي ضاعف آلام الطفل بالإضافة إلى تحذير الأطباء من أضرار جلسات الليزر على المدى البعيد .
وعاود ذويه الكرة المرة أخرى بالتحويل للعلاج في مستشفى المقاصد الخيرية ليعلن الأطباء عن عدم مقدرتهم وجود علاج لحالته ، وعن العلاج في الداخل المحتل فقد رفضت تحويلة البشار المرضية بسبب " دواعي أمنية".
زادت طينة معاناة بشار بلة عندما استيقظ منذ ما يقارب 3 أعوام على ألم حاد يأكل أمعائه وبطنه و ظهره ، تم نقله للمستشفى لتُشخص حالته بالتهاب الزائدة الدودية ، ليخضع لعملية استئصال الزائدة ، وبعد أن أدخل غرفة العمليات و فُتح جانب بطنه اكتشف الأطباء أن زائدته الدودية سليمة ولا تحتاج لأي استئصال .
ليبدأ فصل جديد في تجرع الصغير لمرارة الإهمال الطبي ، فبعد الجراحة ارتفعت نسبة المضادات الحيوية داخل جسده ليبدأ بمهاجمة أعضائه الداخلية ( الكلى والكبد) ، وتعددت التشخيصات ما بين فيروس في الدم أو ورم سرطاني أو فشل كلوي ، وكل هذه التشخيصات يصاحبها أدوية جديدة وتجارب أخرى .
وفي هذا الفصل من ألم الصغير تقول والدته :" استمر الأطباء في إعطاءه الأدوية المختلفة، الأمر الذي تسبب في ظهور مضاعفات كالتهاب جلده، واحتباس السوائل في جسده ، وخلل في وظائف الكلى، بالإضافة إلى انتفاخ جسمه بسبب عقار "الكورتيزون" ، وهذا كله جعل ابني يعاني من ضغط الدم المرتفع "، موضحة أنه حتى اللحظة لم يتمكن الأطباء من تحديد ما يعانيه الصغير.
منذ ما يقرب العام عاد بشار إلى مستشفى المقاصد الخيرية مرة أخرى ليقوم الأطباء بنزع جلد من ساقه اليسرى لزرعها وتغطية الأوردة في ساقه الأيمن على شكل رُقع ، ولكن هذه العملية لم يكتب لها النجاح حيث تلفت و ماتت القطع الجلدية التي تم أخذها من الساق اليسرى وبقيت جراحه مفتوحة يكويها المطهرات و المضادات الحيوية .
ينتظر بشار أن تحمل له أي جهة البشرى في علاجه بالخارج في أحد الدول المتقدمة طبياً لعل وعسى يتمكن من مواصلة حياته كباقي الأطفال ، حيث في ظل جائحة كورونا حتى المراجعة في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي بمدينة غزة حرم منها هذا الطفل .
هذه العائلة لم تتوقف عذاباتها عند هذا الحد فمنذ عام شُخصت والدة بشار أنها مصابة بمرض " سرطان الثدي " لتخضع لعملية استئصال جزء من الثدي ثم تبدأ معاناتها مع العلاج الكيماوي الذي أنهك أوردتها وجسدها ، بالإضافة إلى منعها من مواصلة علاجها في مستشفى المطلع بالقدس بعد أن رفض الاحتلال تنسيقها لمرات متتالية ، حيث أن علاجها غير متوافر في قطاع غزة سواء الحكومية أو الخاصة .
يبقى السؤال إلى متى سيعاني المرضى في قطاع غزة من اعتصار حبل الألم حول أعناقهم وأياديهم مكبلة يتجرعون الألم دون أن يجدوا عوناً لهم سوى الله ، فالحصار والفقر والألم تكالبوا عليهم .. وإن سألوك عن العدل فقل مات عمر ....
_____________
م.ر
معاناة ممتدة من الابن للأم .. بشار يبحث على قشة يتعلق بها لعلاجه
تاريخ النشر : 24 نوفمبر, 2020 04:25 صباحاً



